نشأة الشعر الجاهلي
أثير الكثير من اللغط حول الشعر في العصر الجاهلي فمنهم من انكره مثل طه حسين ومنهم من شكك فيه وانقسم حوله الادباء خاصة بعد ظهور كتاب طه حسين (في الشعر الجاهلي) الى فرق كثيرة.
ونريد هنا ان نسلط الضوء ولو قليلا على بعض ملامح تلك الفترة الادبية.
فالجاهلية لا تعني الجهل اطلاقاً حيث يقول الدكتور شوقي ضيف رحمه الله (الجاهلية لا تعني الجهل الذي هو ضد العلم انما هي لفظة تعبر عن السفه والغضب والنزق) تاريخ الاب العربي: العصر الجاهلي).
اما نشأة هذا الشعر وكيف بدأ فيصعب تحديدها الا أن ملامحه الاولى كما يقول ابن سلام في (طبقات الشعراء) بدأت بأن يقول الرجل ابياتاً من الشعر في حاجته وكان أول شعرهم الرجز لأناس من بني تميم. وكان أول من قصّد القصائد وذكر الوقائع المهلهل بن ربيعة (الزير سالم).
وعلى اية حال فقد ظهر الشعر في الجاهلية وأصبح معلماً أدبيا من معالم العرب في لغتهم الخالدة. يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "كان الشعر علم قوم لم يكن لهم علم أصحُّ منه".
وقد ذهب البعض مخطئاً الى انكار هذا الشعر مثل طه حسين معتبرا وجود لهجات مختلفة بين القبائل في الجاهلية وأن الشعر لا يعبر عن اختلاف هذه اللهجات بل هو كله بلهجة قريش وهذا ما يدعو الى انكاره البتة. غير ان هذا الأمر ليس صحيحاً لأسباب متعددة. منها مثلا ما ذكره المستشرق (لايل)في مقدمته لكتاب المفضليات حيث قال" أن من وضعوا الشعر الجاهلي أو اتهموا بوضعه كان لا بد لهم من وجود نماذج سابقة وتقاليد أدبية موروثة قلدوها وحاكوها. ونفس هذه المحاكاة تدل على وجود أصل كانوا يحاكونه واذن فلا بد ان يكون هناك شعر جاهلي عرفه الاسلاميون وحاكوه" وهذه شهادة الاعداء قبل الاصدقاء وتنسف انكار طه حسين للشعر الجاهلي. أما الامر الاخر فهو لماذا كان كل الشعر الجاهلي بلهجة قريش وليس غيرها من اللهجات؟؟؟ والجواب على ذلك بسيط وموجود في بطون الكتب التي لم يحسن البعض قراءتها. فقد سادت لهجة قريش عند العرب للأسباب التالية:
1- كانت معظم القبائل تجل قريشاً وتحترمها لانهم كانوا سدنة البيت الحرام
2- كانت قريش أفصح الالسنة العربية لغة وبيانا بحكم موقعهم اولا ولتوافد الحجيج عليهم ولبعدهم عن اماكن الاعاجم الذين بلا شك يؤثرون في اللهجات بحكم السكن والقرب. يقول ابن خلدون في مقدمته "كانت لغة قريش افصح اللغات العربية وأصرمها لبعدها عن بلاد الاعاجم من جميع جهاتهم حتى ان سائر العرب على نسبة بعدهم من قريش كان الاحتجاج بلغتهم في الصحة والفساد عند اهل الصناعة العربية"
ويقول ايضا احمد بن فارس صاحب كتاب (الصاحبي في فقه اللغة) "وكانت قريش مع فصاحتها اذا اتتهم الوفود من العرب في مواسم الحج تخيروا من كلامهم واشعارهم احسن لغاتهم واصفى كلامهم فاجتمع اليهم من اللغة ما صاروا به لذلك افصح العرب"
3- وبطبيعة الحال بعد كل ما سبق فقد كان للشعراء مبررهم في نظم القصائد بلغة قريش إذ أنها تعبر عن مستوى لغوي رفيع لا تلحقه اللهجات العربية الاخرى ومن هنا يمكن الحكم على القصيدة ان كانت من الغث او من السمين. فمثلا كان احد الشعراء ويدعى (علقمة الفحل) يكتب قصيدة في كل عام ثم يعرضها على قريش ليحكموا له فيها فيقولون له "هذه القصيدة سمط الدهر" لمتانة قصائده. فكيف سيحكموا له فيها بالجودة ان لم تكن بلهجتهم وان لم تعبر عن مستوى شعري عالي؟؟فمن مطالع قصائده مثلا: ذَهبت من الهجران في كل مذهبِ ولم يكُ حقاً كل هذا التجنبِ
وقصيدته الاخرى التي مطلعها:
طَحا بك قلبٌ في الحسان طروبُ بعيدَ الشباب عصرَ حان مشيبُ
من هذا كله نستنتج ان الشعر الجاهلي كان موجودا وعرفنا العلة في كونه كله بلهجة قريش واما موضوع الانتحال فيمكن تمييزه عن طريق الرواية كما يقول الاستاذ شوقي ضيف رحمه الله. اذ أن هناك رواة كذابون لا يعتدُّ بروايتهم أمثال خلف الاحمر وحماد الراوية والكلبي (محمد بن السائب) والواقدي وغيرهم. وهناك ايضا الرواة الصادقون أمثال الاصمعي والمفضل الضّبي
اما اهم مصادر الشعر الجاهلي التي تعتبر مقبولة ويوثق بروايتها فمنها مثلا:
كتاب المفضليات للمفضل الضبي وهي 126 قصيدة اضيف لها اربع قصائد وجدت في بعض النسخ. وهي موزعة على 67 شاعراً منهم 47 شاعراً جاهليا. وكذلك كتاب الاصمعيات للاصمعي ويحتوي على 92 قصيدة موزعة على 71 شاعراً منهم 40 شاعراً جاهلياً. وفي هذين الكتابين تحديدا كلمات مهجورة لم تثبتها المعاجم. ومن المصادر الجاهلية ايضا المعلقات العشر وديوان الهذليين بشرح السكري ودواوين الشعراء الجاهليين الستة (امرىء القيس، زهير، طرفة، عنترة، النابغة، علقمة).
والله الهادي الى سواء السبيل
سَلامٌ مِنْ صَبا بَرَدى أَرَقُّ ....ودمعٌ لا يُكَفْكَفُ يا دمشقُ
ومَعْذِرَةَ اليراعةِ والقوافي .... جلاءُ الرِّزءِ عَنْ وَصْفٍ يُدَّقُ
وذكرى عن خواطرِها لقلبي .... إليكِ تلفّتٌ أَبداً وخَفْقُ
وذكرى عن خواطرِها لقلبي .... إليكِ تلفّتٌ أَبداً وخَفْقُ
.....................................................................................................................
نشأة الشعر الحديث
بدأ الشعر الحر أو ما يسمى الشعر الحديث ويسمى أيضا شعر التفعيلة في العراق سنة 1947 وأول قصيدة كتبت كانت للشاعرة العراقية نازك الملائكة ثم تلاها الشاعر بدر شاكر السياب . وفي عام 1949 أصدرت نازك الملائكة ديوانها ( شظايا ورماد ) وضمنته بعض من القصائد الحرة . وفي عام 1950 أصدر الشاعر عبد الوهاب البياتي ديوانه ( ملائكة وشياطيين ) وفيه قصائد حرة الوزن وفي نفس السنة صدر ديوان ( أساطير ) لبدر شاكر السياب . وتتالت بعد ذلك الدواوين في الوطن العربي . وتعتبر نازك الملائكة أول من تكلم في الشعر الحر ووضعت له ضوابط وأسس . وقيل أنه بدأ في مصر عام 1932 .
وشعر التفعيلة هو نتاج التقاء حضاري بين شعراء الشرق والغرب . فهو دخيل على الثقافة العربية وقد حاول بعض الكتاب إيجاد أصول له في التراث العربي لكن دعواهم كانت ضعيفة .
والمعروف أن الشعر العمودي مكون من تفعيلات متنوعة تبلغ ستة عشر تفعيلة إن لم أكن مخطئا وضعها الخليل بن أحمد في قوالب وهي التي تسمى بحور الشعر وعددها ستة عشر بحرا منها البحر الطويل والكامل والرمل والبسيط والوافر ……..الخ . وكل بيت من الشعر العموديموزون مكون من شطرين وينتهي بقافية واحدة في كل القصيدة .
جاء شعر التفعيلة ولعب بعدد التفعيلات التي تكون بحرا موزونا . مثلا وزن بحر الرمل هكذا :
فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن L L L فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن
فيتم نظم الشعر الحر بنفس تفعيلات بحر الرمل ولكن بأعداد مختلفة الطول وبشرط أن تكون نهاية التفعيلات تفعيلة متشابهة . مثلا :
فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن
فاعلاتن فاعلاتن
فاعلاتن
فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن
فاعلاتن فاعلاتن
لاحظ اختلاف عدد التفعيلات في كل مرة ولكن نهايتهم واحدة هي ( فاعلاتن )
…………………………………………………………………………..
نشأة الشعر الشعبي
يعتبر ابن خلدون المؤرخ العربي الشهير أول من ذكر الشعر الشعبي تحت اسم الشعرالبدوي
وذلك في عام 808هـ فقد اورد عدة نصوص شعرية في مقدمته نسب بعضها
الى شعراء
بني هلال , واقدم نص يروونه من الشعر الشعبي على لسان عليا محبوبة
ابو زيد الهلالي
في القرن السابع ارسلته اليه وهو في المغرب يقاتل البربر ومنه:
تقـول فتـاة الـحـي علـيـا مثـايـل
ولايقـال مثلهـا فـي الـحـي قـايـل
|
يالله ان تهيي لي طروش لاجلهم
يسيرون مابين الصخر والقوايل
|
وذلك كماورد في مقدمة ابن خلدون حيث يعزي هذا النص الى القرن السابع الهجري ,
وكذلك من أقدم القصائد المشابهه لشعر بني هلال :
قصائد تنسب للشاعر حعيثن اليزيدي وكان ذلك تقريبا في القرن التاسع
وفي اواخر القرن الثامن الهجري والقرن التاسع الهجري قد اصيب الشعر الشعبي القديم بما اصيب
سلفه الشعر الجاهلي الفصيح من انتشار الأميه بين الناس واعتمادهم على الراوية والحفظ والذاكرة
وكما أن أدباء الحاضره كانو يستهجنونه فضاع منه الشيء الكثير وكذلك من أقدم من دونت اشعارهم
راشد الخلاوي وأبو حمزه العامري من أهل الأحساء وقطن بن قطن من عمان ورميزان بن غشام وجبر
بن شيار من أهل سدير ونمر بن عدوان الذي توفي عام 1338هـ وقيل توفي عن عمر يناهز 78عام
وهؤلاء عاشوا القرنين العاشر والحادي عشر الهجري وكانوا ينظمون الشعر على أوزان الشعر
الفصيح وتفاعليه الى أن جاء شاعر الحريق محسن الهزاني فجدد في الشعر الشعبي وأدخل الأوزان
المسماه (السامري) ذات القافيتين لكل شطر قافيه حتى آخر قصيده , ثم تلاه ذلك ابن لعبون فنهج على
منواله وكان أكثر اطلاعا على الأدب الفصيح .ثم بعد ذلك ظهر شعراء كثر أمثال عبدالله الفرج و ابن
ربيعة ومحمد القاضي وابن سبيل و مشعان بن هذال وراكان بن حثلين وابراهيم بن جعيثن وغيرهم
تدوينه في الكتب :
اول كتاب ضم الشعر الشعبي هو :
ديوان قاسم بن ثاني الذي جمعة أصحاب السمو آل ثاني عام 1328هـ ,
ثم تلاهم : الأديب محمد الفرج في جمع شعر الشاعر الكبير المبدع عبدالله الفرج وطبع هذا الديوان في الهند
عام 1328هـ ,
ثم أصدر كتاب " ديوان النبط " في كتابين ضما اعظم الشعراء , وفي عام 1372هـ ظهر
أضخم مؤلف جامع في الشعر الشعبي حتى يومنا هذا على يد الأستاذ عبدالله خالد الحاتم " خيار مايلتقط
من شعراء النبط" في مجلدين , و كتاب عبدالله محمد بن رداس الأول في عام1396هـ تحت مسمى
" شاعرات من الباديه" وكان الأول من نوعه والكتاب الثاني تحت عنوان :
" شعراء من البادية" في عام 1398هـ .
وفي عام1401هـ جاء كتاب حمد السعيد بإطلاله جميله على الشعر الشعبي تحت عنوان " الشعر -
النبطي .أصوله -فنونه – تطوره" , وفي هذه الفتره ظهر العديد من الكتب لست بصدد حصرها .
ثم أصدر كتاب " ديوان النبط " في كتابين ضما اعظم الشعراء , وفي عام 1372هـ ظهر
أضخم مؤلف جامع في الشعر الشعبي حتى يومنا هذا على يد الأستاذ عبدالله خالد الحاتم " خيار مايلتقط
من شعراء النبط" في مجلدين , و كتاب عبدالله محمد بن رداس الأول في عام1396هـ تحت مسمى
" شاعرات من الباديه" وكان الأول من نوعه والكتاب الثاني تحت عنوان :
" شعراء من البادية" في عام 1398هـ .
وفي عام1401هـ جاء كتاب حمد السعيد بإطلاله جميله على الشعر الشعبي تحت عنوان " الشعر -
النبطي .أصوله -فنونه – تطوره" , وفي هذه الفتره ظهر العديد من الكتب لست بصدد حصرها .
............................................................................................................
مواقع و مدونات لها علاقة بالموضوع :
.........................................................................................................................................
ملفات داعمة للموضوع لمزيد من المعرفة عن نشأة الشعر :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق